أفواه وأرانب

الكاتب: حسين السيد

أفواه وأرانب
شاهدت بالأمس فيلم “أفواه وأرانب” لفاتن حمامة ومحمود ياسين ومن إخراج هنرى بركات، والفيلم أنتج عام 1977، أى فى ذروة الانفتاح الاقتصادى.
ورغم أنى شاهدته مرارا وتكرارا لكنى رأيته أمس وكأنها المرة الأولى التى أشاهدها فيها لما يحمله من عدة مضامين يريد أن ينقلها إلى المشاهد.
ففريد شوقى كان موظفا بسكة الحديد، أى إنه موظف حكومى، وغير قادر على الإنفاق على بيته نظرا لكثرة أولاده، ولهذا اتجه إلى شرب الخمر، لينسى واقعه المرير والأليم، وهذا الاتجاه ليس صحيحا فى بيئة مثل الريف؛ لأن الرجل فى مثل حالة فريد يعمل فى وظيفة أخرى لتحسين دخله، كما أن أبناءه يحرص على تعليمهم، أو على الأقل يعلمهم حرفة أو مهنة يتكسبون منها، كذلك من هذا الذى يجرؤ على شرب الخمر فى الريف، اللهم إلا إن كانت هناك تعليمات بتشويه صورة موظف الحكومة.
أما محمود ياسين فكان يمثل الرأسمالية الوطنية الكبيرة، فيملك مزرعة فى الريف تدر له دخلا معقولا، وله استثمارات أخرى بالمدينة منفردا، أو معه شركاء آخرون مثل نسيبه (صلاح نظمى) الذى كان يريد تزويجه ابنته ذات الدم الثقيل “إيناس الدغيدى”.
وظهر محمود ياسين بصورة المنقذ والشهم والإنسان النبيل، ففى أول الفيلم يتعاطف مع فاتن حمامة بعد أن طردها فتحى الفكهى “حسن مصطفى”، ويأمر بعودتها إلى العمل مرة أخرى، كما أنه كان يرفض إهانتها، فيدافع عنها فى كل مرة، مرة مع الموظف الذى فتح الباب عنوة واتهمها بالغباء، ومرة مع خطيبته التى طالبته بطردها من المنزل، لكنه رفض طلبها، بل فسخ خطوبتها، ومرة من أخته راجية “ماجدة الخطيب”، ويصل الأمر إلى أنه يريد الزواج منها، فيذهب إلى منزل زوج أختها، ويكتشف الحقيقة المرَّة، وهى أنها متزوجة بالفعل من تاجر فراخ، وبعد أن يعرف الحقيقة يعود إليها ليتزوجها، وتخبره أنها لن تستطيع أن تترك أولاد أختها خاصة بعد أن سُجن والدهم، وهنا يظهر محمود بدور المنقذ لهذه العائلة، ويقرر أن يأخذهم معه، فالمزرعة فى حاجة إليهم.
أى أن الحل يكمن فى الانفتاح الاقتصادى، وأن الرأسمالية هى الحل، فعلى المواطن أن يتجه إلى التجارة والاستثمار، لينعم بحياة هادئة خالية من المتاعب مليئة بالسرور، فإن كنت تريد أن تصبح مثل فريد شوقى فكن موظفا حكوميا، ومن ثم تشقى ويشقى معك أولادك، أما إن كنت تريد أن تصبح مثل محمود ياسين فاتجه التجارة حيث الربح السريع والكسب الوفير والحياة المترفة، وحتى إن كنت ذا عيال كثيرة فتستطيع أن تؤمن مستقبلهم.
أما فاتن حمامة فهى المرأة الضحية التى تعمل بجد واجتهاد، رفضت أن تقترن بشاب “أبو بكر عزت” اتضح أنه يسرق ليرضيها، وبعد ذلك يزوجونها للمعلم بطاوى دون إرادتها، فتهرب من البيت، وتحافظ على شرفها، وتعمل فى مزرعة عنب، وتُكافأ على حسن أدائها فى العمل، وتظهر الكفاءة المطلوبة، ومن ثم تنطلق، لتتزوج بإرادتها هذه المَرَّة رجل الأعمال، وكأن فاتن حمامة هى مصر، إن أرادت الخلاص من الفقر والعوز فعليها الاقتران بالرأسمالية أو الانفتاح، فمثلما انتشلها محمود من وهدة الفقر، فإن الانفتاح سيأخذ بيد مصر إلى الأمام، ويحقق لها التقدم والرخاء، وخاصة أنها أبرمت اتفاقية السلام.
ومن ثم، فرسالة الفيلم واضحة وهى تشويه العمل الحكومى وتمجيد العمل الحر، ولا خير فى الوظيفة، والخير كل الخير فى الأعمال الحرة.

بقلم .حسين السيد

Share This Article
1 Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!