مأساة نور وإليزابيث
في قلب مدينة فيينا الساحرة، حيث تتناغم أضواء الشوارع مع أصداء الموسيقى العذبة التي تعزفها المقاهي الليلية، تلك المدينة الحالمة التي لطالما سحرت زوارها بجمالها . التقى مصير “إليزابيث” و”نور ” في مشهد يبدو كأن القدر قد كتبه لهما. حيث جمع القدر بين “إليزابيث” ، امرأة في التاسعة والثلاثين من عمرها، تتمتع بجاذبية غير عادية وشخصية مستقلة . تغطي جسدها الوشوم التي تحكي قصصًا عن تجارب الحياة والتحديات التي خاضتها. ، وبين “نور ” ، شاب في العشرين من عمره، وسيم ومنحدر من أصول عربية ، أتى الى فيينا لاستكمال دراسته الجامعية .
التقيا قبل عدة أشهر في أحد المقاهي الليلية، حيث كانت “إليزابيث” تجلس تراقب الوجوه من حولها، تحتسي مشروبها المفضل، وتغرق في أفكارها. بينما كان “نور ” يجلس مع مجموعة من أصدقائه. لاحظ “نور ” نظراتها الجريئة، التي كانت تلتقط بذكاء تفاصيل كل من حولها، ليشعر بشيء من الفضول تجاهها. فتشجّع واقترب منها. بدأت بينهما محادثة ودية سرعان ما تحولت إلى إعجاب متبادل، فكان “نور” مفتونًا بشخصيتها الجريئة، بينما وجدت هي فيه شابًا مفعمًا بالحياة يمنحها إحساسًا بأنها ما زالت مرغوبة.
رغم فارق العمر الكبير، ازداد تقاربهما بسرعة، وأصبحا يقضيان الكثير من الوقت معًا. كان “نور” يشعر بالفخر بعلاقته بامرأة ناضجة، بينما كانت “إليزابيث” ترى فيه فرصة لإعادة إحياء شبابها من جديد. لكن مع مرور الوقت، بدأت الخلافات تتصاعد بينهما، وأصبح الحب الذي جمعهما سلاحًا ذا حدّين. كانت الغيرة أول شرارة أشعلت الخلافات بينهما. “نور ” رغم حداثة سنّه، كان شديد التملك، لا يحتمل أن يراها تتحدث مع رجال آخرين، حتى لو كان ذلك بدافع الصداقة. من ناحية أخرى، كانت “إليزابيث ” ترى أنه مجرد “شاب صغير”، وغير ناضج بما يكفي ليضع القيود على حياتها . ثم ازدادت حدة التوتر بينهما. كان “نور” يعتقد أن “إليزابيث ” بدأت تبتعد عنه، ربما لصالح رجل آخر. أما هي، فقد بدأت تلاحظ سلوكياته العنيفة واندفاعه غير المبرر، مما جعلها تفكر في إنهاء العلاقة. بدأ كل منهما يشعر بأنه ضاق ذرعًا بالآخر وأن هذه العلاقة بينهما أصبحت سامة أكثر من أن تكون مليئة بالحب.
وفي ليلة مشؤومة، اجتمعا في الشقة التي اعتادا الالتقاء فيها، لكنها لم تكن ليلة حب، بل ليلة صراع وانفجار للمشاعر المكبوتة.
بدأ الشجار بينهما بصوت مرتفع، ثم تحول إلى صراخ حاد. حاولت “إليزابيث” الفرار من الشقة، لكن “نور” لحق بها، وانهال عليها بالضرب حتى سقطت على الأرض، ثم جرّها مجددًا إلى الداخل .استغاثت “إليزابيث” بالجيران بصرخات يائسة تطلب المساعدة ، وعلى الفور استجاب الجيران لنداء الاستغاثة واتصلوا بالشرطة ، وابلغوهم ان هناك إمرأه تستغيث فى الشقة المجاورة لهم ، عندما وصلت الشرطة إلى المكان بعد تلقيها البلاغ عن صرخات الاستغاثة، وجدت “إليزابيث” ملقاة على الأرض، فاقدة للحياة، وقد تعرضت لإصابات بليغة نتيجة العنف الشديد. أما “نور” ، فكان في حالة ذهول، يبرر موقفه قائلاً: “كنت فقط أدافع عن نفسي”.
تولت إدارة التحقيقات الجنائية القضية . وتم احتجاز “نور” لاستجوابه حول دوافعه الحقيقية.
رغم ادعائه بأنه كان في موقف دفاع عن النفس، إلا ان الادلة جميعها تشير إلى أنه فقد السيطرة على أعصابه وقتل “إليزابيث ” في لحظة غضب عارمة. قد تكون نتاج قول جرح كبرياءه، مما دفعه إلى فقدان أعصابه تمامًا.
الآن، “نور” ينتظر محاكمته بتهمة القتل، وهو يعلم أن حياته تغيرت إلى الأبد في لحظة تهور. ومن المحتمل أن يواجه حكمًا بالسجن لسنوات طويلة، إن لم يكن مدى الحياة.
هكذا، انتهت علاقة حب مفترضة بشكل مأساوي، حيث تحولت مشاعر كانت في البداية مليئة بالآمال إلى كابوس مرعب، أصبحت قصة “إليزابيث” و “نور” درسًا قاسيًا في التعامل مع العواطف الجياشة.
مأساة نور وإليزابيث
خربشات هاله المغاورى