
في يناير 2011 أعد البروفيسور نعوم تشومسكي قائمة الطرق التي تستعملها وسائل الإعلام العالمية للسيطرة على الشعوب عبر وسائل الإعلام في عشرة إستراتيجيات أساسية. نلخصها في الآتي:
إستراتيجية الإلهاء هذه الإستراتيجية عنصر أساسي في التحكّم بالمجتمعات، وهي تتمثل في تحويل إنتباه الرّأي العام عن المشاكل الهامّة والتغييرات التي تقرّرها النّخب السياسية و الإقتصاديّة، ويتمّ ذلك عبر وابل متواصل من الإلهاءات والمعلومات التافهة. إستراتيجيّة الإلهاء ضروريّة أيضا لمنع العامة من الإهتمام بالمعارف الضروريّة في ميادين مثل العلوم، الإقتصاد، علم النفس، بيولوجيا الأعصاب و علم الحواسيب. لحافظ على تشتّت إهتمامات العامة، بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، وجعل هذه الإهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة. لجعل الشعب منشغلا، دون أن يكون له أي وقت للتفكير.
ابتكر المشاكل ثم قدّم الحلول هذه الطريقة تسمّى أيضا «المشكلة – ردّة الفعل – الحل». في الأول نبتكر مشكلة أو موقفا متوقـعا لنثير ردّة فعل معيّنة من قبل الشعب، و حتى يطالب هذا الأخير بالإجراءات التي نريده أن يقبل بها. مثلا… ترك العنف الحضري يتنامى، أو تنظيم تفجيرات دامية، حتى يطالب الشعب بقوانين أمنية على حساب حرّيته، أو إبتكار أزمة مالية حتى يتمّ تقبّل التراجع على مستوى الحقوق الإجتماعية وتردّي الخدمات العمومية كشرّ لا بدّ منه.
إستراتيجية التدرّج
لكي يتم قبول إجراء غير مقبول، يكفي أن يتمّ تطبيقه بصفة تدريجيّة، مثل أطياف اللون الواحد (من الفاتح إلى الغامق)، على فترة تدوم عشرة سنوات. وقد تم إعتماد هذه الطريقة لفرض الظروف الإقتصاديّة الجديدة بين الثمانينات و التسعينات من القرن السابق. «بطالة شاملة، هشاشة، مرونة، تعاقد خارجي ورواتب لا تضمن العيش الكريم، وهي تغييرات كانت ستؤدّي إلى ثورة لو تمّ تطبيقها دفعة واحدة».
إستراتيجية المؤجّــَـل
و هي طريقة أخرى يتم الإلتجاء إليها من أجل أكساب القرارات المكروهة القبول وحتّى يتمّ تقديمها كدواء مؤلم ولكنّه ضروري، ويكون ذلك بكسب موافقة الشعب في الحاضر على تطبيق شيء ما في المستقبل. قبول تضحية مستقبلية يكون دائما أسهل من قبول تضحية حينيّة. أوّلا لأن المجهود لن يتم بذله في الحين، وثانيا لأن الشعب له دائما ميل لأن يأمل بسذاجة أن كل شيء سيكون أفضل في الغد، وأنّه سيكون بإمكانه تفادي التّضحية المطلوبة في المستقبل. وأخيرا، يترك كلّ هذا الوقت للشعب حتى يتعوّد على فكرة التغيير ويقبلها بإستسلام عندما يحين أوانها.
مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغار
تستعمل غالبية الإعلانات الموجّهة لعامّة الشعب خطابا وحججا و شخصيات ونبرة ذات طابع طفولي، وكثيرا ما تقترب من مستوى التخلّف الذهني، وكأن المشاهد طفل صغير أو معوّق ذهنيّا. كلّما حاولنا مغالطة المشاهد، كلما زاد إعتمادنا على تلك النبرة. لماذا؟ «إذا خاطبنا شخصا كما لو كان طفلا في سن الثانية عشر، فستكون لدى هذا الشخص إجابة أو ردّة فعل مجرّدة من الحسّ النقدي بنفس الدرجة التي ستكون عليها ردّة فعل أو إجابة الطفل ذي الإثني عشر عاما».
إستثارة العاطفة بدل الفكر
إستثارة العاطفة هي تقنية كلاسيكية تُستعمل لتعطيل التّحليل المنطقي، وبالتالي الحسّ النقدي للأشخاص. كما أنّ إستعمال المفردات العاطفيّة يسمح بالمرور للاّوعي حتّى يتمّ زرعه بأفكار، رغبات، مخاوف، نزعات، أو سلوكيّات.
إبقاء الشّعب في حالة جهل و حماقة
العمل بطريقة يكون خلالها الشعب غير قادر على إستيعاب التكنولوجيات والطّرق المستعملة للتحكّم به وإستعباده. يجب أن تكون نوعيّة التّعليم المقدّم للطبقات السّفلى هي النوعيّة الأفقر، بطريقة تبقى إثرها الهوّة المعرفيّة التي تعزل الطّبقات السّفلى عن العليا غير مفهومة من قبل الطّبقات السّفلى.
تشجيع الشّعب على إستحسان الرّداءة تشجيع الشّعب على أن يجد أنّه من الرّائع أن يكون غبيّا، همجيّا وجهلا.
تعويض التمرّد بالإحساس بالذنب
جعل الفرد يظنّ أنّه المسؤول الوحيد عن تعاسته، وأن سبب مسؤوليّته تلك هو نقص في ذكائه وقدراته أو مجهوداته. وهكذا، عوض أن يثور على النّظام الإقتصادي، يقوم بإمتهان نفسه ويحس بالذنب، وهو ما يولّد دولة إكتئابيّة يكون أحد آثارها الإنغلاق وتعطيل التحرّك. ودون تحرّك لا وجود للثورة.
معرفة الأفراد أكثر ممّا يعرفون أنفسهم
خلال الخمسين سنة الماضية، حفرت التطوّرات العلميّة المذهلة هوّة لا تزال تتّسع بين المعارف العامّة وتلك التي تحتكرها و تستعملها النّخب الحاكمة. فبفضل علوم الأحياء، بيولوجيا الأعصاب وعلم النّفس التّطبيقي، توصّل النّظام إلى معرفة متقدّمة للكائن البشري، على الصّعيدين الفيزيائي والنّفسي. أصبح هذا النّظام قادرا على معرفة الفرد المتوسّط أكثر ممّا يعرف نفسه، وهذا يعني أنّ النظام في أغلب الحالات يملك سلطة على الأفراد أكثر من تلك التي يملكونها على أنفسهم.
تغطية مستمرة على مدار الساعة من منصة “غرد بالمصري”:
تابع أحدث الأخبار والتقارير في جميع الأقسام: