السياسي
السياسي الناجح هو الماهر في فن صناعة الأمل، القادر على تحويل التحديات إلى فرص، والمحن إلى منح. إنه الشخص الذي يدخل إلى قلوب الناس ليس بالكلمات الجوفاء، بل بالأفعال الصادقة التي تتحدث عنه قبل أن يتحدث هو عن نفسه.
يقف في إحدى القرى الصغيرة، أمام حشد من الناس الذين أرهقتهم الحياة، يبتسم بثقة ويحدّق في أعينهم وكأنه يرى ما وراء الظاهر. تحدث عن أحلامهم أكثر مما تحدث عن خططه، وعن احتياجاتهم أكثر مما تحدث عن إنجازاته.
قال لهم: “أنا واحد منكم، أعرف معنى أن تُكافح لتؤمن قوت يومك، وأعرف طعم الخيبة حين تُطرق الأبواب ولا تجد من يُجيب. لكني أؤمن أننا معًا، نستطيع أن نجعل من كل حجر عثرة جسرًا للمستقبل.”
السياسي الناجح ليس فقط صاحب رؤية ثاقبة، بل هو أيضًا صاحب أذن تُصغي للهمسات الصغيرة وآمال الناس العادية. يدرك أن السياسة ليست ساحة معارك لكسب السلطة، بل هي مسؤولية ثقيلة لخدمة الناس. يقف على المنابر بشموخ، لكنه ينحني عند الحاجة ليُسند العاجزين.
في مسيرته، واجه الانتقاد والتشكيك، لكنه لم يلتفت إلا ليأخذ العبرة، ويعود أقوى، لم يكن يتردد في الاعتراف بأخطائه، فالشجاعة الحقيقية في السياسة ليست فقط في اتخاذ القرارات الجريئة، بل في القدرة على التراجع عندما يتطلب الأمر.
الناجح في السياسة ليس مجرد عقل مُدبِّر، بل قلب نابض، يعرف كيف يخاطب العقول دون أن يهمل المشاعر، وكيف يُوازن بين الحكمة والجرأة.
إنه الشخص الذي يترك أثرًا لا يُمحى، ليس فقط على أوراق التاريخ، بل في قلوب الناس الذين رأوا فيه انعكاسًا لطموحاتهم.
بقلم : د. محمد العرابي
أمين تنظيم حزب مستقبل وطن