في مشهد يتكرر على صفحات الحوادث، يطل علينا نمط جديد من النصب والاحتيال، يعتمد على انتحال صفة ضابط شرطة. يرتدي المحتال بدلة أنيقة، يضع مسدس صوت في ملابسه، ويظهر بثقة أمام ضحيته، مدعيًا السلطة والنفوذ. الهدف؟ إما إرهاب المجني عليه لسرقته، أو التفاخر بشخصية وهمية تمنحه هيبة زائفة.”الضابط المزيف”
لكن خلف هذا القناع، يقف مجرم يخطط لجرائم قد تبدأ بالنصب، ولا تنتهي عند حدود الخداع، بل قد تتورط في هتك عرض، اغتصاب، سرقة بالإكراه، أو حتى خطف.
شاب في بداية العقد الرابع من العمر، ينتمي لعائلة متوسطة بمنطقة السلام. حلمه أن يصبح ضابط شرطة، فاستعد لاختبارات الكلية، لكنه لم يُقبل. التحق بكلية التجارة، ثم عمل في تجارة السيارات، وبدأ في جمع الأموال من المواطنين بزعم تشغيلها، ثم اختفى.
ألقت الشرطة القبض عليه، وسُجن بتهمة النصب. وبعد خروجه، لم يتعظ. قرر أن يحقق حلمه القديم بطريقة ملتوية: اشترى سيارة حديثة، ارتدى بدلة ضابط، وبدأ في خداع المواطنين، مدعيًا أنه “عقيد شرطة” قادر على إنهاء المصالح الحكومية.
لكن يقظة رجال مباحث قسم الزيتون، بقيادة المقدم مصطفى نبيل، أنهت هذه المسرحية. تم ضبطه ومعه طبنجة صوت معدلة، أجهزة لاسلكي، بطاقات مزورة، وسيارة من متحصلات نشاطه الإجرامي. اعترف بارتكاب أربع وقائع نصب، وأُحيل للنيابة.
لم تتوقف الظاهرة عند الشارع، بل امتدت إلى العالم الرقمي. ضبطت أجهزة الأمن شخصًا في المحلة بالغربية، أنشأ حسابًا على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر صورًا له مرتديًا زي الشرطة. الهدف؟ زيادة عدد المتابعين وتحقيق أرباح مادية.
اعترف بتركيب الصور في استوديو مقابل مالي، وتم ضبط مالك الاستوديو وجهاز الكمبيوتر المستخدم في التزييف.
في واقعة أخرى، تداول رواد مواقع التواصل فيديو لمشاجرة في الجيزة، يظهر فيها شخص يرتدي زي الشرطة. تبين أنه ضمن مجموعة حاولت الاستيلاء على أموال مواطنين بزعم استبدال عملات أجنبية. تم ضبطهم، واعترفوا بانتحال صفة رجال شرطة.
سيدة تُدعى منيرة، فوجئت بشخص يعرض عليها توصيلة بسيارته مدعيًا أنه ضابط. أوهمها أنها تتاجر بالمخدرات، ثم اعتدى عليها وسرق مشغولاتها الذهبية ومبلغًا ماليًا. تم تحديد السيارة وضبط المتهم، الذي اعترف بانتحال الصفة، وتم استرداد المسروقات.
بحسب المحامي إسلام محمد سيد، فإن قانون العقوبات المصري يعاقب منتحلي الصفة بالسجن والغرامة. المادة 155 تنص على الحبس لمدة لا تقل عن سنتين، والمادة 156 تعاقب من يرتدي زيًا رسميًا دون وجه حق بنفس العقوبة. أما إذا اقترنت الجريمة بغرض إرهابي أو وقعت أثناء حالة طوارئ، فالعقوبة تصل إلى السجن المشدد سبع سنوات.
خلاصة
انتحال صفة ضابط شرطة ليس مجرد خدعة، بل جريمة مركبة تهدد أمن المجتمع وتستغل ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة. لكن أجهزة الأمن المصرية تقف بالمرصاد، ترصد وتضبط وتقدم الجناة للعدالة، لتبقى الحقيقة أقوى من الزيف.
تغطية مستمرة على مدار الساعة من منصة “غرد بالمصري”:
تابع أحدث الأخبار والتقارير في جميع الأقسام:
