عندما يغيب الضمير الإنساني ينتشر العنف فى المجتمع
هاله المغاورى فيينا
العنف والإجرام ظاهرتان لا تقتصران على فئة أو دين أو جنسية. فهما ليستا نتاجاً لمعتقدات أو ثقافات بعينها، بل يعكسان انحداراً أخلاقياً وسلوكياً على المستوى الفردي. إن الإجرام، بمختلف أشكاله، لا يمكن تبريره أو تفسيره باعتبارات دينية أو اجتماعية، لأنه ينطلق من شخص منفصل عن القيم الإنسانية الأساسية التي تدعو إلى الرحمة، التسامح، واحترام حقوق الآخرين.
من الخطأ تحميل دين أو جماعة المسؤولية عن أفعال إجرامية يقوم بها أفراد. الجرائم ليست نتاج ديانة أو ثقافة، بل هي تعبير عن مشكلات شخصية ونفسية قد يوجهها الفرد، مثل الكراهية، الجشع، الجهل، أو الرغبة في فرض السيطرة.
هؤلاء الأفراد يفتقرون إلى القيم الإنسانية التي تعزز فينا احترام حياة الآخرين وكرامتهم. إن مرتكبي الجرائم غالبًا ما ينتمون إلى بيئات تتسم بانعدام الوعي، قلة التعليم، أو انعدام الرقابة المجتمعية، وهو ما يجعلهم يتحولون إلى أدوات تهدد أمن المجتمع واستقراره.
الإجرام، سواء كان عنفاً جسدياً، لفظياً، أو نفسياً، هو دليل قاطع على غياب الإنسانية لدى مرتكبه. هذا الغياب يجعل الجاني يتجاوز الحدود الأخلاقية، ويتجاهل معاناة الضحايا من أجل تحقيق مصالحه الشخصية أو تفريغ غضبه الداخلي. ومع أن هناك عوامل اجتماعية واقتصادية قد تساهم في دفع الأفراد نحو الإجرام، إلا أن غياب الضمير الإنساني هو العامل الأساسي الذي يفرق بين إنسان يعيش في مجتمعه بسلام وآخر يسعى لتدميره.
يجب أن يعي المجتمع أن مكافحة العنف والإجرام تبدأ من الداخل، من خلال تعزيز القيم الإنسانية وتعليم الأفراد منذ الصغر أهمية التعايش السلمي واحترام الآخرين. وسائل الإعلام والتعليم والمؤسسات الدينية والاجتماعية عليها مسؤولية كبيرة في نشر الوعي وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي قد تدفع البعض لتبرير العنف أو ربطه بجماعات معينة.
الإجرام والعنف هما انحراف فردي يعكس نقصاً في القيم الإنسانية، وليس لهما صلة بدين أو جماعة. لا يمكن للمجتمع أن يتقدم دون مواجهة هذه الظواهر بشكل جاد عبر التعليم والتوعية وتعزيز القيم الأخلاقية. الإنسان الحقيقي هو من يعيش بسلام مع نفسه ومع الآخرين، ولا يمكن لمن يفتقر إلى الإنسانية أن يكون جزءًا من حضارة تبنى على العدل والتسامح.