“بطاقات الفقراء”.. حين تُختطف إرادة الوطن بثمن رغيف!
في زمنٍ يفترض أن يكون فيه الوطنُ فوق كل مصلحة، تطلّ علينا ظاهرةٌ مخزية تُهدد جوهر العملية الانتخابية وتُسقِط ما تبقّى من شرف المنافسة، حين تمتدّ أيادٍ ملوّثة بالمال أو النفوذ لتعبث بإرادة الفقراء والمحتاجين، تُقايض بطاقاتهم الوطنية بلُقمة العيش، وتحوّل حقّهم المقدّس في الاختيار إلى سلعةٍ تُباع وتُشترى!
ما أشدّ فقرَ الوطن عندما يصبح صوتُ البائس وسيلةً لتمجيد الفاسد!
وما أقسى أن تُستغل الجمعيات الأهلية — التي وُجدت أصلاً لستر الجوعى ومساعدة المحتاجين — في جريمة انتخابية تُفرّغ العمل الخيري من مضمونه الإنساني، وتُحيله إلى أداةٍ لتزوير إرادة الناس وتلويث سمعة الوطن أمام التاريخ!
أيّ شرفٍ في معونةٍ تُقدَّم بثمنٍ سياسي؟
وأيّ دينٍ أو ضميرٍ يبرّر لمن يملك المال أن يساوم على كرامة من لا يملك إلا صوته؟
إنّ جمع بطاقات الرقم القومي تحت دعوى “مساعدة الفقراء” ليس عملاً خيرياً، بل هو جريمة مكتملة الأركان — قانونًا وأخلاقًا ووطنيةً — تستوجب محاسبة كل من شارك فيها أو سهَّلها، بدءًا من الجمعيات المتورطة وصولًا إلى المرشحين الذين يقفون وراء الستار، يُديرون مشهدًا قذرًا لتزييف الوعي وتسميم المستقبل.
لقد نصّت القوانين المصرية بوضوح على تجريم هذا الفعل في أكثر من موضع، وسنورد هنا أهم النصوص ذات الصلة:
—
المادة (65):
يُعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم القوة أو التهديد أو أية وسيلة من وسائل الإكراه لحمل شخص على الامتناع عن التصويت أو على التصويت على وجه معين.
المادة (66):
يُعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أعطى أو عرض أو وعد بعطية أو منفعة أو ميزة، أو استخدم أي وسيلة أخرى لحمل الناخب على الإدلاء بصوته على وجه معين أو الامتناع عنه.
ويُعاقب بالعقوبة ذاتها كل من طلب أو قبل عطية أو منفعة أو وعداً بذلك لحمله على التصويت على وجه معين أو الامتناع عنه.
—
المادة (15):
يُحظر على الجمعية ممارسة أي نشاط سياسي أو حزبي أو استخدام مقراتها في مثل هذه الأنشطة أو تمويلها.
المادة (94):
يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من أنفق أموال الجمعية في أغراض غير التي أنشئت من أجلها أو مارس نشاطًا محظورًا.
—
المادة (103 مكرراً):
يُعاقب بالحبس كل من عرض أو أعطى لموظف عمومي أو مكلف بخدمة عامة عطية أو ميزة ليقوم بعمل من أعمال وظيفته، أو ليخالف واجباتها.
المادة (311):
يُعاقب بالحبس كل من اختلس أو أخفى أو أتلف سندًا أو ورقةً مثبتةً لحق أو هوية شخصية تخص غيره.
—
إنّ هذه الجرائم ليست مخالفة بسيطة، بل خيانة وطنية مقنّعة، لأنّها تسرق القرار الشعبي وتُهين كرامة المصري البسيط.
وعلى الهيئة الوطنية للانتخابات والنيابة العامة ووزارة التضامن الاجتماعي أن تتحرك بقوة لردع كل من يظن أن فقر الناس ممرٌّ إلى البرلمان أو طريق إلى سلطةٍ زائفة.
أيها الشرفاء في هذا الوطن:
احموا أصواتكم كما تحمون بيوتكم، وبلغوا عن كل من يساومكم على حقكم الوطني، فصوتكم هو أمانتكم، ووطنكم لن يُبنى إلا بأحرارٍ لا يُشترون!
تغطية مستمرة على مدار الساعة من منصة “غرد بالمصري”:
تابع أحدث الأخبار والتقارير في جميع الأقسام:
