بغداد والمغول: لعنة الدم الملكي.. 13 فبراير 1258

nagah hegazy
nagah hegazy
اسوشيتد برس

مجزرة المغول في 13 فبراير 1258

تاريخ بغداد والمغول هو فصل مأساوي وعنيف من تاريخ العالم الإسلامي. تمثل مجزرة المغول في 13 فبراير 1258 ضربة قاسية حضارية وثقافية للمدينة التي كانت ذات يوم مركزاً للعلم والفكر.

توضح الاقتباسات من المؤرخين كيف أن هذا الغزو أثر في المجتمع بشكل عميق، ليس فقط من حيث الأرقام الفادحة للقتلى، ولكن أيضًا من خلال الدمار الذي لحق بالمكتبات ومراكز التعليم، مما أدى إلى فقدان تراث حضاري وثقافي غني.

تصوير ابن بطوطة والمؤرخين الآخرين لدمار بغداد على يد المغول يُظهر العمق الرهيب الذي تركه هذا الحدث التاريخي في نفوس الناس والعديد من العصور التي تلتها. دمار بغداد لم يكن فقط نتيجة الحرب والعدوان، بل كان بداية لمرحلة مظلمة في تاريخ المدينة، أدت إلى تراجع أعمالها الاقتصادية والأنشطة الاجتماعية.

تأثير الدمار على بغداد:

  • الآثار الاقتصادية: تدمير المكتبات والعلوم أفقد المدينة مكانتها كمركز للعلم والثقافة، مما أدى لتراجع الأنشطة التجارية والتبادلات الفكرية.
  • الآثار الاجتماعية: موت العلماء وسقوط المدينة في براثن الفوضى أفضى إلى ضعف الروابط الاجتماعية وزيادة العزلة، حيث انعدام الأمن جعل الحياة اليومية مأساوية.

رؤى المؤرخين

  1. عطاء ملك الجويني: كان له نظرة متحيزة للمغول، لكنه لم ينكر المجزرة التي حدثت، حيث أوضح كيف أن الدمار لم يُترك حجرًا على حجر.
  2. غريغوريوس أبو الفرج بن هارون الملطي: وضح شدة العنف التي عانت منها المدينة، مشيرًا إلى استهداف الأطفال والنساء، مما يدل على قسوة المغول.
  3. ابن الطقطقي: استخدم تعابير قوية لتصوير الفوضى والعنف، منتقدًا همجية المغول في قتلهم للمدنيين وتجريف المكتبات.
  4. تقي الدين المقريزي: قدم تفصيلًا للرعب المستمر خلال فترة طويلة من النهب، حتى دفن الخليفة تحت أنقاض قصره، مما يعكس عمق الكارثة.                                                         إن الأحداث التي شهدتها بغداد أثناء الغزو المغولي في عام 1258 لم تكن مجرد مصائب عابرة، بل كانت كارثة تاريخية تُعتبر من أكثر اللحظات إثارة للقلق والتراجيديا في تاريخ العالم الإسلامي. الخليفة العباسي المستعصم بالله، الذي كان آخر الخلفاء العباسيين، واجه هذه المأساة المروعة حتى آخر لحظاته.                     إعدام الخليفة المستعصم بالله
  • أُجبر المستعصم على رؤية دمار مدينته قبل إعدامه، وهو ما يعكس الفظائع التي مُرر بها الشعب البغدادي.
  • الروايات الأكثر شيوعًا تُشير إلى أنه تم إعدامه بطريقة مثيرة للاهتمام؛ حيث لُف في بساط لتفادي إراقة دمه، لأن المغول كانوا يعتقدون أن “الدم الملكي يجلب النحس”.

شهادة رشيد الدين فضل الله الهمذاني

رشيد الدين فضل الله الهمذاني قدّم شهادة قوية حول الكارثة، موضحًا أن:

  • هولاكو أصدر أوامر بقتل أي شخص يحمل سلاحًا.
  • المكتبات، بما فيها “بيت الحكمة” الشهير، أُحرقت بشكل منهجي، وذلك لأن محتوياتها كانت تتعارض مع “الياسا” (قانون المغول).
  • التحول الذي شهدته بغداد جعلها مدينة أشباح.

بغداد والمغول: لعنة الدم الملكي

الدمار الواسع النطاق

  • المكتبات: حرق المكتبات أدى إلى فقدان تراث ضخم من المعرفة، حيث كانت هناك 36 مكتبة عامة تشمل مخطوطات فريدة.
  • نهر دجلة: تحول لون مياه النهر إلى الأسود من حبر الكتب أُحرقت وللأحمر من دماء الضحايا.
  • الإبادة الجماعية: تُقدّر أعداد القتلى بين 200,000 إلى مليون شخص، مما يُظهر ضخامة الكارثة.
  • التأثير على الزراعة: تدمير قنوات الري التي استمرت لألف عام أدى إلى تدهور الزراعة ومضاعفة الخراب في المنطقة لقرون.

آثار الكارثة

  • الهجمات المغولية لم تؤد فقط إلى تدمير المدينة ولكن أيضًا إلى عواقب بعيدة الأمد على الناحية الاقتصادية والاجتماعية.
  • الهجمات جعلت من بغداد مناطق مخاوف وصمت بدلًا من مجمع حضاري نابض بالحياة.
  • كتب المؤرخ ديفيد مورغان أن هذه الأحداث كانت “نهاية حقبة وحضارة، وبداية عصر جديد من الفوضى وإعادة التشكيل السياسي”.

مصادر تاريخية

  1. المؤرخون العرب: ابن طقطقي ورشيد الدين فضل الله الهمذاني قدّما شهادات مهمة حول الأحداث.
  2. الرحالة: ابن بطوطة وصف حالة بغداد بعد قرن من السقوط، مما يعكس تأثير الدمار.
  3. المؤرخون المتحالفون مع المغول: مثل عطاء ملك الجويني وغريغوريوس الملطي، قدموا رؤى مختلفة حول الأحداث.
  4. دراسات حديثة: كتب مثل “المغول” لديفيد مورغان وفرت تحليلات عميقة حول التاريخ والأحداث وتأثيراتها على المجتمع.

تلك الأمور تُظهر كيفية تأثير الأحداث التاريخية الكبرى على الذاكرة الجمعيّة للأمة ووضعها في سياقها الأوسع. تتعلق هذه الذكريات بمساعي استعادة الهوية ثقافياً وحضارياً، بعد أن عانت من نكبات كبيرة في فترة سابقة.

اعداد:نجاح حجازي

 

avatar

الخليفة العباسي المستعصم بالله وكان الأخير، أجبر على رؤية المصائب التي تعرضت لها بغداد قبل إعدامه. تختلف الروايات حول الطريقة التي أعدمه بها هولاكو، إلا أن أشهرها أن سنابك خيول المغول داسته في 20 فبراير 1258، بعد أن لُف في بساط كي لا يسفك دمه مباشرة، لأن المغول اعتقدوا أن الدم الملكي يجلب النحس.

الرحالة رشيد الدين فضل الله الهمذاني ترك شهادة عن تلك الكارثة الكبرى فحواها أن “هولاكو أمر بقتل كل من يحمل سلاحا، وأُحرقت المكتبات لأن كتبها كانت تتعارض مع الياسا (قانون المغول).. وتحولت بغداد إلى مدينة أشباح”.

أحرق المغول المكتبات في بغداد بما في ذلك مركز المعرفة الرئيس “بيت الحكمة” الذي كان أسسه الخليفة المأمون في عام 820، إضافة إلى ستة وثلاثين مكتبة عامة أخرى كانت تحتوي على أعداد ضحمة من الكتب والمخطوطات الفريدة.

مصادر تاريخية ذكرت أن مياه نهر دجلة استحالت إلى اللون الأسود من حبر الكتب الممزقة التي رميت فيها، وإلى الأحمر من كثرة دماء الضحايا.

المغول دمروا بشكل واسع عاصمة الخلافة العباسية بغداد، وجرى إحراق العديد من المساجد والقصور والمشافي.

رافق سقوط بغداد واقتحامها بعد حصارها 12 يوما مذابح واسعة النطاق. دمرت المدينة وتمت إبادة معظم سكانها. تتراوح تقديرات أعداد القتلى بين 200000 إلى مليون شخص.

الخراب الذي بقيت مضاعفاته لقرون تمثل في تدمير منظومة الري في بغداد بشكل كامل تقريبا. أدى ذلك إلى تدهور الزراعة في جميع أرجاء المنطقة.

 قنوات الري في بغداد كان عمرها وقتها ألف عام، زالت ولم يتم ترميمها مطلقا. هذا الأمر حكم على بغداد والمناطق المحيطة بها أن تبقى فارغة لأجيال وأن تتحول صروحها الحضارية إلى أطلال لعدة قرون.

أما الحرائق التي اشعلها المغول في عاصمة الحضارة العالمية في تلك الحقبة، فكان من شدتها أن هولاكو نقل مقره إلى منطقة مجاورة لأن هواء المدينة تسمم بالسخام.

هذه الأحداث الرهيبة تركت ندوبا عميقة في الذاكرة الجمعية للعالم الإسلامي، وأصبحت نقطة تحول وانقلاب حاسمة. هذا الموقف المصيري عبّر عنه المؤرخ ديفيد مورغان في كتابه “المغول” بقوله إنه: ” نهاية حقبة وحضارة، وبداية عصر جديد من الفوضى وإعادة التشكيل السياسي”.

المصدر: 

Share This Article
اترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!