تعلمناها متأخرا ….!!!
بقلم د . صالح وهبة
تمنحك الحياة سرها متأخرا ..حينما تكون غير قادرللعودة إلى الخلف ..
علمتنا الحياة دروس لن نجدها في مناهج المدارس ولا الجامعات، وعندما استوعبناها، للأسف كان الوقت فات.
أتعرف لماذا لم نتعلمها مبكرا ؟
النفس البشرية بطبيعتها عنيدة وتسير وراء رغباتها كصغار الأطفال، كلما تساهلنا معها ، زادت طلباتها ..
إن لم تلجمها ، تحتلك وتعتلك وتفقدك السيطرة عليها وتكون عبدا وأسيرا لرغباتها، وبعدها تفيق وتصحو على حسرات وتقول : يا ليتني تعلمت !!لكن يكون الوقت عدى وفات !!
دعنا نتجول في بستان هذه الدروس التي لن نتعلمها إلا متأخرا …
(١) “السعادة الحقيقة ليست نتيجة بل اختيار ” happiness Is not a result but decision
“توضيح”..
تخيل كنت تحلم بحصولك على شهادة دكتوراة وتعبت واجتهدت وحصلت عليها وفرحت أنت وفرحت أهلك وأصدقاءك ، ستجد بعد فترة من الزمن الفرحة تضمحل تدريجيا وتختفي
مثال آخر ..
ارتبطت بفتاة وحددت ميعاد للزفاف وكنت تترقب وتنتظر هذا اليوم بلهفة وعلى أحر من الجمر،
لدرجة كنت تعد الأيام بالساعات والدقائق.. وجاء اليوم وتزوجت وفرحت وبعد شهر أو أقل …
كل يوم الفرحة تنقص بمتوالية هندسية تناقصية حتي تبرد وتختفي وبعدها تبدأ الانشغالات التي غالبا ينبثق منها الخلافات .
هذ النوع من السعادة يكون سعادة وقتية غير دائمة (فهي إلى حين )
كالماء المالح كلما شربت منه تعطش وتطلب المزيد لكن لا ترتوي !!!
أما السعادة الحقيقية ، هي ليست نتيجة شيء تعمله او تنتظره… إنما تنبع من داخلك ، وقناعتك وشكرك ورضاك وحمدك على ما قسمه الله لك …
أنت من تصنع السعادة بالإيمان والشكر لله..
هذه هي السعادة الحقيقية، وما أجملها
سعادة(أن تبتسم للحياة وتعيش اللحظة وما أجملها لحظة ) سعادة دائمة كنهر متدفق متجدد المياه دائما لا ينضب أبدًا ..
وكلما قسمت سعادتك على الآخرين تتضاعف وتكون في تزايد مستمر. ….
أيها الإنسان:
سعادتك الحقيقية أن تبتسم للحياة
ابتسم لأنك بصحة جيدة وغيرك مرضى في المستشفيات يتوجعون ويتأوهون من شدة الألم ، ويتمنون شراء صحتهم بأغلى الأثمان ولكن لم يستطيعوا !!
ابتسم لأنك حيا ترزق فالأموات يتمنون الحياة ولو لحظة ليتوبوا فيها .
ابتسم لأنك لك رب تعبده وغيرك يسجد للبقر .
ابتسم لأنك أنت وغيرك يتمنى أن يكون أنت.
فالسعادة الخارجية التي تعمل لأجلها أشبه بديكورات وزخارف وأوراق لعب، هي سعادة وهمية عمرها قصير .. كالبخار يظهر قليلا قليلا ثم يضمحل ..
تأكد لوحصلت على كل الأوسمة والنياشين وتقلدت أعلى المناصب وكنت ذو سلطة وثروة ومجد كل هذا ياتي عليه يوم وينتهي ..
لكن ……
ليس معنى ذلك أن نتكاسل ونتبلد، بل نكد ونجتهد ونعمل ويكون لنا دور فعال في الحياة،
لكن المقصود بذلك (بأن ليست كل هذه المظاهر تجلب لك السعادة الحقيقية) ..
فما أكثر العلماء والمفكرين والفلاسفة وذوي المناصب وغيرهم غير سعداء في حياتهم ..
السعادة الحقيقية ، أنت من تصنعها عندما تتقرب إلى الله..
وتشكره على كل حال وفي كل الاحوال ..
لا تخلطوا بين السعادة والمتعة ..
فمتعة الحياة هي السعادة المؤقتة التي نحصل عليها بالعمل والاجتهاد (من الخارج )
، بينما السعادة الحقيقية الدائمة تتأتى من أعماق (داخلنا ودواخلنا )
(٢) مرر الأشياء قبل أن تمررك
لا تبذل جهدًا مع التوافه ..لا تتعرق على الأشياء الصغيرة don’t sweat the small stuff فالأشجار الضخمة لا تهزها الريح ..زميلك تعبك بكلمة صعبة (هدي أعصابك ..فوت ..مرر …)
(٣) لا تخف من الفشل
الفشل هو خير معلم ولولا الفشل ما كان النجاح..
الفشل يعلمنا أن نتعلم من أخطائنا حتى لانكررها
(embrace failure…..don’t fear of it)
ويحضرني في ذلك العالم اديسون كل محاولة تفشل في اختراع المصباح الكهربائي يقول :تمام عرفت تجربة خطأً حتى أستبعدها.
فالصمود والمرونة resilience هي التي جعلت اليابان من أعظم بلاد العالم في الصناعة .
لا تقل أنا فاشل بل قل أنا فشلت في محاولة وسأصر على تنفيذها……
شتان بين (فاشل وفشلت) …فالحجارة التي تعثرك ابن بها سلم النجاح …..
كن كالماء التي تجري بين شقوق الصخور ..
(٤) الكل يعاني مثلك وأكثر ..
كل الناس متألمة …
ويحضرني في ذلك قصة الملك الذي طلب من بعض المؤرخين أن يكتبوا له سيرة كل الملوك الذين سبقوه ..
وعندما أخبروه بأن هذا سيتطلب وقت طويل، اعطاهم مهلة عشر سنوات وبعدها أحضروا له مجلدات ،فغضب وقال لهم كيف أقرأ هذا كله ؟!محتاج تلخيص،
وأعطاهم مهلة عشر سنوات أخرى وبعدها أحضروا له كتاب كبير يلخص حياتهم فاستشاط غضبا بسبب ضخامة الكتاب لأن ليس لديه وقت يقرأ كل هذا،
فقام أحد الفلاسفة وقال : أنا سالخص لجلالتك كل هذا في كلمتين ( كل ملوك الدنيا ولدوا ..تالموا ..ثم ماتوا ) .
(٥) احتفظ بعلاقاتك
علاقاتك بالناس غالية جدا (أغلى من كنوز الدنيا ) ..
علاقتك بأهلك أهم بركة في حياتك (ياما زعقت في والديك وانتهرتهم وأهملتهم وسخرت منهم واستهنت بهم )
ومنهم سافر بلا عودة والآن تتمنى لو الزمن رجع بك كنت تبوس التراب الذي تدوس
قدماهم عليها ، ولكن It’s too late !!!!!!!
علاقتك بأصحابك ….بأصدقائك ..كنزك الحقيقي…
عندما تسأل عنهم عن طريق الزيارات واللقاءات أفضل بكثير من التليفونات، وعندما تسأل بالتليفونات أفضل من الرسائل والماسيجات ..
(٦) اهتمامك بنفسك ليست أنانية
self care Is not selfish
اعتن بنفسكtake care of your self
شتان بين عشق الذات واهتمامك بنفسك
اهتم بصحتك ، لو ضاعت لا أحد ينفعك لا فلوسك ولا أولادك ..
اعتذر عندما لا تكون قادر على العمل ..
(٧) وسائل التواصل الاجتماعي “وهم “
عالم افتراضي vertual world
العروسة تلبس أحلى فستان وتعمل أجمل ماكياج وتراها لطيفة وجميلة وبعد الفرح وتغسل وجهها تصطدم وتراها أشبه ب “خيال مآتة”
وتري في هذا العالم واحد يدخل بحساب واحدة على إنه امرأة وواحدة تدخل بحساب واحد ..
وما أدراك بالأسماء المستعارة والوجوه والصور المزيفة ..
“لا تصدق كل ماتراه أو ماتسمعه في هذا العالم الافتراضي “
(٨) النقود ..
النقود تشتري السرير ولا تشتري النوم …
النقود تشتري الخوف ولا تشتري الاحترام
النقود تشتري المتع الوقتية ولا تشتري السعادة الحقيقية
النقود تسهل أمور كثيرة لكن هناك أشياء تعجز عنها .
النقود تشتري الراحة ولا تشتري الصحة (الصحة شفاء من ربنا).
يقول الحكيم : رب لا تعطني غنى يضلني ولا فقر يذلني .
(٩) ليس متاخرا .. أن تبدأ أي شيء never ..too late
(لا تقل :أنا عجزت ..أنا راحت عليا …)
العمر ما هو إلا رقم في شهادة الميلاد (اعمل كل حاجة ولا ترتبط بالسن)..
فتجد شخص يناهز الثمانين من عمرة وعنده حيوية ..وشاب يبلغ الثلاثين من عمره وتراه رجل عجوز ..
(١٠) ..أغلى ماتملك “صحتك”
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يعرفها إلا المرضى “good health is a crown worn by the healthy that only the ills can see
الناس تتمنى الصحة أكثر من العمر الطويل حتى في الدعاء
حتى لا يثقل على أحد
مرت علينا أيام أهملنا عمل تحليلات وعشنا على المسكنات وكنا نجهل أن المسكنات تضر الكبد وصحونا على كوكتيل من الأمراض كالضغط والسكر والكولسترول ..
كنا لا نذهب إلى الطبيب إلا ونكون على قاب قوسين أو أدني من الموت ..
كنا لا نعرف أن الغذاء الصحي والرياضة والمشي تكون متلازمة مع الدواء،
الصحة كنز ….(تلاقي واحد قاعد جنب حيطة ومبسوط وفي ايده سميطة …والتاني قدامه كباب وبانيه وقاعد يتفرج عليه)
اشكر ربنا ..صحتك بالدنيا
أيها الآباء والأمهات:
راجعوا ما تعلمناه متأخرا والذي يتلخص في هذه الدروس العشرة مع أولادكم بإتقان ،
حتى يشعروا بسلام داخلي وأمان واطمئنان
ليعرفوها مبكرا
واخبروهم : السعادة أنتم من تصنعوها لأنفسكم ..وتبدأ من داخلكم بالتقرب إلى الله
النهاية ..
مطلوب ضخ دم نقي في شرايين أولادكم (خالي من كولسترول الانحراف والفساد) حتي ينعموا بسلام داخلي وأمان..