الجندي الوحيد في العالم الذي قاتل بعجز ٩٠٪ خلال حرب أكتوبر المجيدة عام ١٩٧٣
عبد الجواد سليم.. وحده دمر ١٦ دبابة، ١١ مدرعة، ٢ بلدوزر، عربة جيب، وأتوبيس يحمل جنودًا إسرائيليين
وُلد البطل عبد الجواد سليم عام ١٩٤٧ في قرية أبو عمر – أبو صوير بمحافظة الإسماعيلية، وكان والده يعمل في قوات السواحل. وفي عام ١٩٥١ شهدت قريته حادثة غيّرت مجرى حياته، حين استيقظ على صرخات أهل القرية بعد أن أقدم جندي إنجليزي على قتل جاره الشيخ محمد أبو بركات رميًا بالرصاص بدعوى تعاونه مع الفدائيين.
جاء موعد التجنيد فالتحق بالحرس الجمهوري، ولكنه لم يكن راضيًا، فعرض رغبته على أخيه غير الشقيق الذي كان ضابطًا بالجيش وقال له إنه يريد أن يكون في سلاح الصاعقة، وبعد محاولات تحقق حلمه. ومع اندلاع حرب الاستنزاف عام ١٩٦٧ كان البطل عبد الجواد في الصفوف الأمامية، وتمكن بمفرده من تدمير ١٦ دبابة، ١١ مدرعة، ٢ بلدوزر، عربة جيب، وأتوبيس يحمل جنودًا إسرائيليين، كما شارك مع رفاقه في تدمير ٦ طائرات إسرائيلية خلال هجومهم على مطار المليز. وخلال إحدى العمليات أصيب البطل بصاروخ إسرائيلي نتج عنه بتر ساقيه الاثنين، ساعده الأيمن، فقد عينه اليمنى، بالإضافة إلى جرح كبير في ظهره، وقدم البطل من جسده بعض الأجزاء حتى لا يحتل العدو الإسرائيلي ولو جزء صغير من أرض مصر.
أجرى له رفاقه الإسعافات الأولية ووسط وابل من الطلقات الإسرائيلية تمكنوا من نقله إلى بورسعيد، وبعد ذلك تم نقله إلى مستشفى دمياط، وبسبب إصابته الشديدة تم نقله على طائرة هليوكوبتر إلى مستشفى الحلمية العسكري بالقاهرة، ودخل في غيبوبة استغرقت ٧٢ ساعة، وأثناء غيبوبته دُفنت أطرافه المبتورة في مقابر الشهداء في بورسعيد.
تم تركيب أطراف صناعية للبطل وقرر التقرير الطبي منحه إجازة لمدة شهر وعرضه لإبعاده من الخدمة العسكرية، ولكنه رفض هذا التقرير وقرر العودة إلى وحدته فإما الاستشهاد أو تحرير سيناء. والتقى به الرئيس جمال عبد الناصر والفريق محمد فوزي وزير الدفاع في رئاسة الجمهورية، وقال له عبد الناصر: “إنت الذي ضربت مطار المليز؟”، فرد عبد الجواد: نعم يا ريس، والجيش يريد إنهاء خدمتي وأنا عايز أرجع الميدان، فالتفت عبد الناصر للفريق محمد فوزي وقال جملته الشهيرة: “مادامت هذه الروح موجودة سننتصر يا فوزي”.
عندما اندلعت حرب أكتوبر المجيدة عام ١٩٧٣، لم يكن البطل عبد الجواد سليم مجرد جندي عادي، بل كان رمزًا للإرادة التي لا تُقهر. عبر قناة السويس مع رفاقه الأبطال، وهو يحمل جسدًا أنهكته الجراح بنسبة عجز وصلت إلى ٩٠٪، لكنه حمل أيضًا روحًا لا تعرف المستحيل. حقق حلمه الكبير؛ الانتصار على العدو الإسرائيلي واسترداد سيناء، ليصبح الجندي الوحيد في العالم الذي شارك في حرب بهذا القدر من الإعاقة، مثبتًا أن البطولة ليست في الجسد وإنما في الروح التي تقاتل حتى آخر نفس.
تم تكريمه من الرئيس جمال عبد الناصر حيث منحه نوط الشجاعة العسكري، كما كرمه الرئيس محمد أنور السادات والرئيس محمد حسني مبارك، وفي الاحتفالات باليوبيل الفضي لانتصارات أكتوبر فقد كرمت الصاعقة ممثلة في شخصه، وتم تكريمه من الرئيس عبد الفتاح السيسي في افتتاح المؤتمر الوطني الثالث للشباب بمدينة الإسماعيلية. وكان البطل عبد الجواد هو المجند الوحيد الذي تم استدعاؤه للاحتفال باليوبيل الفضي لنصر أكتوبر عام ١٩٩٨ والحصول على ميدالية مقاتلي أكتوبر.
لم تكن بطولة “الشهيد الحي” في إصابته فقط أثناء حرب الاستنزاف، بل كانت في إصراره على مواصلة الاشتراك في الحرب بعد إصابته بعجز كلي ليصبح الجندي الوحيد بالعالم الذي حارب ونسبة عجزه ٩٠٪. وبعد هذا كله ألا يستحق أن تُجسد بطولته في فيلم؟
بقلم: محمد حجازي – من أبطال حرب أكتوبر المجيد
تغطية مستمرة على مدار الساعة من منصة “غرد بالمصري”:
تابع أحدث الأخبار والتقارير في جميع الأقسام: