الإفتاء المصرية تحسم الجدل بشأن “عمرة البدل”
حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل الدائر بشأن ما أطلق عليه إعلاميًا “عمرة البدل”، وذلك على خلفية إعلان الداعية المصري “أمير منير” عن تطبيق إلكتروني يتيح العمرة بالإنابة عن المتوفين أو المرضى بمقابل مادي.
وذكرت دار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، الثلاثاء، إن من المقرر أن الله عز وجل قد شرع العبادات من فرائض ونوافل لمقاصد كبرى، منها تقريبُ العباد إليه سبحانه وتعالى، وتهذيب النفس البشرية. ولا بدَّ للإنسان أن يستحضر تلك المقاصد والمعاني أثناء عبادته وتوجُّهه إلى ربه، ومن باب التيسير على الأفراد، وبخاصة المرضى وأصحاب الأعذار، نجد أنَّ الشريعة قد أجازت الإنابة في أداء بعض العبادات بشروطٍ معينة.
وأضاف البيان: “إذا كنَّا نجد في بعض المذاهب الفقهية جواز الاستئجار على أداء بعض العبادات كالحج والعمرة، فإنَّ الفقهاء كانوا يتكلمون عن حالات فردية لم تتحول إلى ظاهرة، وكذلك لم تتحول إلى وظيفة أو تجارة للبعض يتربَّحون منها، ولم نجد على طول السنين الماضية من تفرَّغ لأداء هذه العبادات مقابل أجر، فضلًا عن أن يصبح وسيطًا (سمسارًا) بين الراغب في العمرة -مثلًا- وبين من سيؤديها عنه، فإن من الأمور اللازمة في الإنابة أن يختار الشخص الصالح الموثوق بأمانته، ولا يتساهل فيجعل عبادته بِيَد من لا يعرف حاله، وهذا لا يحصل بالطبع إذا كان التعامل عبر تطبيقات أو وسطاء كل شغلهم واهتمامهم تحقيق الربح، فهذا مما لا يليق مع شعائر الدين التي قال الله تعالى عنها في كتابه الكريم: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]”.
واختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن ما حدث من استهجان واستنكار من عموم الناس لمثل هذه الأفكار المستحدثة لهو دليل على وعي الجمهور ورفضهم لتحويل الشعائر والعبادات إلى وظيفة أو مهنة تؤدَّى بلا روح أو استحضار خشوع، هذا الوعي الجماهيري هو جدار الوقاية الأول للمجتمعات في مواجهة كل ما هو مُستنكَر وخارج عن المألوف.
وفوجئ رواد مواقع التواصل الاجتماعي بدعوة أطلقها “منير” أعلن من خلالها عن فرصة أداء مناسك العمرة لأحد الأقارب المتوفقين أو المرضى غير القادرين على أداء المناسك، وذلك عن طريق إيداع مبلغ 4 آلاف جنيه “130 دولار” عبر تطبيق جديد، الأمر الذي أثار جدلًا حول جواز هذا الأمر وسط اتهامات من قبل رواد مواقع التواصل للداعية بالمتاجرة تحت اسم الدين.
وتقوم فكرة التطبيق على دفع المستخدم مبلغ 4 آلاف جنيه ليقوم شخص آخر بأداء العمرة نيابة عن أحد أقارب المستخدم من المتوفين أو المرضى غير القادرين على أداء العمرة، فيما لا يوفر التطبيق بيانات عن الشخص الذي يقوم بالعمرة “بديلًا”، الأمر الذي أثار الشكوك حول هذا الأمر.
وكان “مباشر بلس” استطلع رأي دار الإفتاء المصرية حول هذا الأمر، حيث أكد الشيخ “عويضة عثمان” أمين الفتوى ومدير إدارة الفتوى الشفوية بدار الإفتاء أن هذه المسألة لها شقين أحدهما فقهي يتعلق بجواز أداء العمرة عن المتوفين أو المرضى غير القادرين على أداء المناسك وهو أمر جائز من الناحية الفقهية، والآخر يتعلق بمدى جواز اعتماد هذه الآلية الجديدة وهي مسألة تحتاج دراسة وافية لها ولا يمكن الاعتماد على جوازها أو تحريمها عبر رأي فردي.
وأشار “عويضة” إلى أن المعاملات الجديدة التي تتضمن استخدام مواقع إلكترونية أو تطبيقات يجب في البداية أن تُعرض على لجنة خاصة في دار الإفتاء وهي لجنة المعاملات، وذلك للوقوف على مدى صحة هذه الأمور وعوامل الأمان بها وما إذا كانت تنطوي على وجود شبهة نصب على المواطنين.