“النحيف المخيف”… المشير الذي كتب النصر ثم انسحب في صمت
في تاريخ الجيوش، هناك من يلمع في الأضواء، وهناك من يصنع المجد ثم ينسحب بهدوء. المشير عبد الغني الجمسي كان من النوع الثاني… رجل لا يعرف الهزيمة، ولا يسعى إلى التصفيق.
كلما اشتعلت الحرب، تجده في الصفوف الأولى. وكلما جاء النصر، انسحب في صمت، تاركًا المجد للوطن.
أطلق عليه الإسرائيليون لقب “النحيف المخيف”، ليس بسبب بنيته الجسدية، بل لذكائه العسكري النادر ودهائه في التخطيط. كان الضابط الذي حمل سلاحه من أول رصاصة في فلسطين عام 1948، حتى آخر دبابة عبرت القناة في نصر أكتوبر 1973.
ملحمة من البطولات
- 1948 – حرب فلسطين: ضابط شاب يرى الهزيمة بعينه، فيقسم أن يُكرّس عمره لتغييرها.
- 1956 – العدوان الثلاثي: يقاتل وسط القصف والنيران، لا يعرف طريق التراجع.
- 1967 – نكسة يونيو: لا يبرر ولا يهرب، بل يبدأ من جديد، يخطط لاسترداد الكرامة.
- 1967–1970 – حرب الاستنزاف: قائد للتدريب وهيئة العمليات، يصنع رجال النصر في صمت.
- 1973 – حرب أكتوبر: رئيس هيئة العمليات، العقل الذي وضع توقيت العبور، ومؤلف ما عُرف بـ”كشكول الجمسي”، الدراسة التي حددت يوم وساعة الهجوم المشترك المصري السوري.
وفي يوم 6 أكتوبر، تحقق ما كتب على الورق… وأصبح التاريخ شاهدًا على عبقريته.
️ من النصر إلى الظل
بعد النصر، عيّنه الرئيس أنور السادات وزيرًا للدفاع وقائدًا عامًا للقوات المسلحة. لكن في 5 أكتوبر 1978، صدر قرار إقالته فجأة… قبل يوم من الذكرى الخامسة للعبور. تلقاه بصمت الكبار، بلا غضب ولا تبرير.
️ الرحيل الهادئ
في 7 يونيو 2003، رحل عبد الغني الجمسي كما عاش: هادئًا، نظيف اليد، مخلصًا لوطنه حتى آخر نفس.
رسالة للأجيال
احكوا لأبنائكم عن رجلٍ عاش مقاتلًا في كل معارك مصر، وغادر الدنيا دون أن يطلب شيئًا… سوى أن تظل بلاده مرفوعة الرأس.
رحم الله المشير عبد الغني الجمسي، رمز الشرف والوفاء العسكري في تاريخ مصر الحديث.
بقلم : محمد حجازي، أحد أبطال نصر أكتوبر 1973
Sources:
تغطية مستمرة على مدار الساعة من منصة “غرد بالمصري”:
تابع أحدث الأخبار والتقارير في جميع الأقسام:


